فنّ استثمار رأس المال: إزالة الغموض حول "البودرة الجافة" في الأسهم الخاصة

ما هي "البودرة الجافة"؟

تعود الأصول غير المرجّحة لمفهوم "البودرة الجافة"" إلى القرن السابع عشر عندما كانت المعارك العسكريّة تُخاض بواسطة البنادق والمدافع التي تستخدم البارود السائب (البودرة) الذي يجب الاحتفاظ به جافاً لاستخدامه في المعركة.

في الأسهم الخاصة، تشير "البودرة الجافة" إلى رأس المال المجموع من المستثمرين الذي لم يُستثمر بعد. تكون هذه الأموال متاحةً للاستحواذات وشراء الحصص وغيرها. 

يتعدّ "البودرة الجافة" مؤشراً مهمّاً للأسهم الخاصة، ويتمثّل القوّة الماليّة المتاحة لاستغلال الفرص الاستثماريّة. على مرّ السنين، نما كمّ الأموال غير المستثمرة بشكلٍ ملحوظ. وقدّرت شركة Bain & Company أنّ الكمّ العالمي للأموال غير المستثمرة في قطاع الأسهم الخاصة ارتفع من 1,5 تريليون دولار في 2020[1] إلى مستوى قياسي قدره 3,7 تريليون دولار في 2022.[2]

تفسير مستويات "البودرة الجافة"

ببساطة، "البودرة الجافة" المتاحة هي الفرق بين رأس المال المجموع ورأس المال المُستثمر بمرور الوقت. تتأثّر اتجاهات السوق وديناميكيّات التقييم كثيراً بكمّ الأموال غير المستثمرة. توفر كمية كبيرة من "البودرة الجافة" يشير إلى زيادة المنافسة على الصفقات، ما يرفع تقييمات الشركات المستهدفة. بالمقابل، يشير توفر كمية محدودة من "البودرة الجافة" إلى تراجع المنافسة  ووجود تقييمات مواتية للمستثمرين. تتأثّر مستويات "البودرة الجافة" بعوامل كثيرة، منها:

تباطؤ نشاط الصفقات: تباطؤ نشاط الصفقات يعني انخفاض عدد الفرص المتاحة للاستثمار، ما يحثّ الشركات على استثمار "البودرة الجافة" في ظروف غير مثالية وبتقييم أعلى لمضاعف رأس المال المستثمر.

فترات حيازة أطول: تراجع فترات حيازة الاستثمارات يزيد تدفّق التوزيعات للمستثمرين، ما يتيح المزيد من رأس المال لإعادة الاستثمار. في سوق غير مستقرّ، قد يحتفظ المستثمرون في الأسهم الخاصة باستثماراتهم لفترة أطول بانتظار ظروف مواتية في السوق. يقلّل هذا من التوزيعات ويحدّ من النقد المتاح لإعادة الاستثمار في صناديق جديدة.

عوامل اقتصاديّة وجيوسياسيّة: يمكن لأحداث الاقتصاد الكلّي كالتباطؤ الاقتصاديّ العالمي أو التوترات الجيوسياسيّة أو التغيّرات السياسيّة الكبرى أن تؤثر على مشاعر المستثمرين وثقتهم، ما يقيّد أنشطة جمع الأموال وبالتالي مستويات "البودرة الجافة".

القيود على "البودرة الجافة" كمقياس

لا تؤشّر "البودرة الجافة" وحدها إلى قدرة شركة محدّدة على تنفيذ استثمارات ناجحة أو الحفاظ على استراتيجيات استثماريّة منضبتة.

أنجح شركات الأسهم الخاصة تمنح الأولويّة لعمليّات الاستثمار الدقيقة وتحافظ على الانضباط، بغضّ النظر عن رأس المال غير المستثمر. حتى من دون "البودرة الجافة"، يمكن لهذه الشركات جمع الأموال بسرعة في حال ظهور فرصة استثماريّة جذابة.

 بيت القصيد

فهم الدور الذي تلعبه "البودرة الجافة" هو اعتبارٌ واحدٌ فقط عند اتّخاذ قرارات استثماريّة مستنيرة.

ويشير الكمّ القياسي "للبودرة الجافة" والعدد القليل للصفقات إلى موجة وشيكة من عقد الصفقات. يجب على المستثمرين أن يتنبهوا إلى الديناميكيّات المتغيّرة "للبودرة الجافة" وأن يعدلوا استراتجيتهم لتتوافق معها.

[1] Pitchbook

[2] Bain & Company